المجتمع المدني بأكادير يدين تحويل المعهد الموسيقي والمركب الثقافي إلى ملحقة ومكاتب إدارية

آخر تحديث : الجمعة 21 نوفمبر 2014 - 7:53 مساءً

خلف قرار  تحويل المعهد الموسيقي والمركب الثقافي إلى ملحقة ومكاتب إدارية بمدينة أكادير موجة من السخط في صفوف المواطنين والمجتمع المدني، حيث أصدرت جمعية بييزاج بيانا شديد اللهجة أدانت من خلاله القرار الذي اعتبرته انحرافا في مجال التسيير والتدبير للشأن المحلي وتجنيا ومصادرة غير مبررة للحقوق الثقافية والفنية بالمدينة واغتصابا لحقوق أجيال من الأطفال والشباب، لمنشأة كانت ستعد منارة في الإبداع والتربية الفنية الموسيقية والإشعاع الثقافي بقلب المدينة، منتقدة بشدة التيسير الذي يجانب الصواب أحيانا في اختياراته ومنطلقاته.

وحسب تقرير مفصل توصلت الأنباء المغربية بنسخة منه فإن الجمعية تلقت نبأ تغيير وظيفة المركب الثقافي والمعهد الموسيقي لتكوين الأطر، الى مركب إداري للموظفين بأسف كبير وبحسرة بالغة.

واعتبر التقرير أن المركب كان من الحاجيات الأساسية للساكنة لتعلم الفنون المختلفة معتبرا أن  تكثيف فضاءات الإبداع والتعلم الفني يدفع نحو مدارج الحداثة والعصرنة وقيم المواطنة والنبل، وتهذيب السلوك والابتعاد عن الانحراف والعنف، والإجهاز على هذه المرافق السوسيوتربوية ذات الأهمية الفنية يشجع بشكل غير مباشر نمو وتفريخ شباب يحمل عدوانية نفسية تجاه الآخر ويكون طعما للانحراف والتشرميل وصيدا صائغا لجماعات التكفير والتطرف التي تشتغل ليل نهار وعبر جميع الوسائط والوسائل.

هذا المعهد الذي كان سيعد طفرة نوعية بالنصف الجنوبي للمملكة ومنشأة تساهم في نشر وتعميم الثقافة والفنون وتخريج الكوادر الفنية والأطر الموسيقية،  والانخراط في مدارج الحداثة بمدينة  أضحت حديث العام والخاص، وتنعدم فيها شروط الاشتغال وظروف التنمية الثقافية التي تم وأدها أمام تنامي مظاهر الانحراف والإجرام والتشدد والتكفير الذي يجد له فضاءات ومستنبتات عدة بالمنطقة .

 

القرار غير قانوني

 

اعتبرت الجمعية القرار غير قانوني لأنه لا يمكن تغيير وظيفة ومعالم إحداث منشأة سوسيوثقافية ما لم تحصل الجماعة على موافقة من لدن الوزارة الوصية.   وذكرت الجمعية بأنها كانت قد تلقت بارتياح إقدام مقاولة على إتمام أشغال بناء مشروع المركب الثقافي والمعهد الموسيقي الكبير لتالبورجت، بجوار حديقة ابن زيدون، بزنقة المعرض وبقلب المدينة حيث تنعدم المؤسسات والمركبات السوسيوثقافية والفنية بتلكم المنطقة، المشروع كان تمرة تنزيل لمجلس البلدي سنة 2001 وقام المجلس الموالي في الفترة النيابية 1997 – 2003 بتخصيص اعتمادات مالية لبناء هذا الصرح الثقافي والفني في فترة لم تكن تعير فيه المجالس المنتخبة بالمغرب أهمية للتجهيزات السوسيوثقافية والتربوية أية أهمية، نظرا لمتطلبات التجهيزات الأساسية، قبل أن ينزل خبر تحويل وظيفته كالصاعقة .

وذكرت الجمعية بأنه قانونيا لا يمكن تغيير وظيفة ومعالم منشآت سوسيوثقافية ولو بإجماع المنتخبين في دورة، ما لم تحصل على موافقة من وزارة الداخلية قسم الجماعات المحلية، وان حدث هذا فعلا فهو ردة غير مسبوقة في التسيير الجماعي بالمنطقة على اعتبار ان المدينة بحاجة ماسة الى مرافق كبرى تتناسب ومكانتها  الثقافية والسياحية والاقتصادية والتجارية.

القرار يفتح المجال لنمو الانحراف وتنامي الفكر الظلامي  بالمنطقة

 أشادت الجمعية بما حققته مجالس منتخبة سابقة في مجال بناء التجهيزات الأساسية كالقاعة المغطاة  والمركبات الثقافية، والمحطة الطرقية، ومشروع ممر توادا الشاطئي والدعم المادي والمعنوي للفعل السياحي بالمدينة في التجهيزات الأساسية وتنشيط الحركة والفعل الثقافي والسياحي بالمدينة. لكنه انتقدت التراجع المسجل في عهد المجلس الحالي الذي سجل تخلفا وترديا لاختيارات محلية غير تشاروية وتشاركية، تعتمد نمط القرار الأحادي الجانب في أحيان كثيرة، والإقصاء وتهميش الكوادر المحلية المنتخبة والجمعوية والأكاديمية أحيانا أخرى، منتقدا تهميش مشروع هذه المنشأة لمدة عقد كامل قبل اتمام الأشغال ونحويل الوظيفة بدعوى الخصاص في المكاتب وإفراغ البلدية الحالية التي لها حمولة ورمزية تاريخية ووطنية، وهو ما يعد من وجهة نظر الجمعية انحرافا وتجنيا ومصادرة غير مبررة للحقوق الثقافية والفنية بالمدينة، مما سيساهم في فتح المجال لمزيد من الانحراف والجريمة والتطرف.

وشجبت الجمعية تهميش مشروع مركب أكادير ضمن ميزانية التجهيز لبلدية اكادير لما يزيد عن عشر سنوات  وبقي نقطة سوداء وملاذا للمنحرفين وبدون مأوى في قلب المدينة النابض، ووقفت لجن تحقيق في المشروع على تراكم متأخرات مالية للمقاولة المشرفة على البناء.

وكان المشروع يتضمن كل المرافق، كما ان تسيير المنشأة كان سيتم وفق مقاربة تشاركية مع وزارة الثقافة، والوكالة اليابانية للتنمية عبر تخصيص ظرف مالي يقدر ب 5 مليون درهم لتجهيز المعهد بالصوتيات والإنارة والآلات الموسيقية…

 

تجربة مركب أيت ملول درس للمجلس البلدي لأكادير

نفت الجمعية أن يكون لموقفها أي بعد سياسي مقارنة الوضع بوضع المركب الثقافي والموسيقي والفني لآيت ملول الذي قرر المجلس المنتخب اتمامه رغم ان الإمكانات والموارد المالية غير متشابهة تماما، حيث خصصوا سنويا مبالغ مالية تقدر مابين 2 الى 3 مليون درهم،  لبناء وتجهيز هذه المنشأة التي انطلق بناؤها في سنة 2004، بعد الدارسات التقنية التي شرع فيها سنة 2001 وبعد مرور فترتين نيابيتين الآن ، وطبقا لمبادئ الاستمرارية فان المشروع اكتمل وأصبح جاهزا للاشتغال وانتصب صرحا إشعاعيا وثقافيا بقلب مدينة ايت ملول التي تحاصرها الأحياء الصناعية من كل مكان، بل أكثر من ذلك ارتأت الجماعة الحضرية لأيت ملول تسيير المنشأة بطريقة تشاركية، فقام المجلس بإبرام أثقافية شراكة وتعاون مع وزارة الثقافة لتسيير وتجهيز المنشأة وهو ما تم وهذا يبرز الى حد ما نضج التجربة وعمقها في تغليب الإطار التشاركي على الفكر الأحادي الجانب في التعامل مع المرافق السوسيو ثقافية،  وقامت الوزارة بتجهيز القاعات وصالة العرض الكبرى بالصوتيات والإنارة وتجهيز المكاتب بكل المستلزمات في انتظار تجهيز المكتبة بالكتب وقاعات الموسيقى  بالآلات وغيرها، والأطر المنشطة ويقوم مدير معين من طرف وزارة الثقافة بالسهر على تسيير وتدبير المركب الثقافي في إطار تشاركي مع المجلس البلدي لأيت ملول بالإضافة الى تهيئ مساحات خضراء وفضاءات اللعب المجاورة على امتداد شريط فارغ بجانب المركب ،…

ورغم الحاجة الماسة للمجلس البلدي لأيت ملول لفضاءات إدارية فإنه لم يفكر يوما في تحويل المركب الى مكاتب، حيث حافظ على وظيفته لينتصب كمشروع نموذجي  يتكون من قاعات للمطالعة وخزانة بلدية مجهزة بأحدث الوسائل التكنولوجية وقاعات لتعلم الموسيقى والفنون الحرفية الأصلية، وقاعة كبرى للعرض تتسع لحوالي 300 متفرج، بالإضافة إلى إكسسوارات، وغرف الممثلين وأماكن خاصة بدوي الاحتياجات الخاصة… الى غير ذلك من المرافق المهمة في هذه المنشأة الرائدة جهويا.

المجتمع المدني يطالب بالحفاظ على المعالم الحضرية والثقافية وحمايتها

اعتبرت الجمعية أن القرار يعد انحرافا لا شعبيا ولا ثقافيا  ولا فنيا ووأدا للمبادرات الخلاقة في بناء منشآت تليق بحجم ومكانة اكادير وتكريسا للتراجع في الرقي بمدراج الحداثة وتنمية الذوق الفني ،وتنمية الفعل الثقافي والتنشيطي بالمدينة، مذكرة بالفصل 12 من الدستور الذي ينص على أن “تُساهم الجمعيات المهتمة بقضايا الشأن العام، والمنظمات غير الحكومية، في إطار الديمقراطية التشاركية، في إعداد قرارات ومشاريع لدى المؤسسات المنتخبة والسلطات العمومية، وكذا في تفعيلها وتقييمها”. وعلى هذه المؤسسات والسلطات تنظيم هذه المشاركة، طبق شروط و كيفيات يحددها القانون.

وطالبت المجلس الجماعي بالعودة لجادة الصواب بإتمام أشغال المعهد الموسيقي والمركب الثقافي وإخراجه لحيز الوجود دونما تغيير لوظائفه التي أحدث من اجلها منذ 2001، والقطع مع النهج البيروقراطي ذو الصبغة الإدارية الذي لا يتناسب بتحويل المنشأة السوسيوثقافية والفنية الى  مكاتب إدارية  بالمدينة، التي  هي في غنى عنها  لوفرتها بكل الدوائر والمقاطعات، داعية الى تشييد مزيد من المرافق السوسيو ثقافية بوضع حد لأعشاش الانحراف والتكفير والتطرف المتنامي وتوطين قيم إنسانية بديلة لقيم العنف والاعتداء والاحتقار. كما دعت السلطات الولائية والوزارة الوصية الى إيقاف هذا التشوه الذي يلحق مؤسسة سوسيوثقافية وتربوية.

غير معروف
EL GHAZZI

2014-11-21 2014-11-21
اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اكتب ملاحظة صغيرة عن التعليقات المنشورة على موقعك (يمكنك إخفاء هذه الملاحظة من إعدادات التعليقات)

EL GHAZZI