المغرب العميق بين الغيث والغوث !!

آخر تحديث : السبت 29 نوفمبر 2014 - 11:38 مساءً
المغرب العميق بين الغيث والغوث !!
جمال والزين

قبل أيام خرج الناس زرافات ووحدانا خصوصا أبناء الجنوب الشرقي الذين توالت عليهم سنوات الجفاف العجاف، خرجوا إلى العراء لأداء صلاة الاستسقاء وألسنتهن تلهج بالدعاء: “اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين”. وما أن انفتحت أبواب السماء بماء منهمر حتى خرج الناس ثانية إلى العراء، لكن هذه المرة هروبا من بيوتهم مخافة أن تنهار فوق رؤوسهم بعدما غمرتها المياه، ولسان حالهم يقول: “اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القاطنين بالمغرب العميق”، حيث نصف قرن من التهميش أحال المغرب غير النافع إلى مناطق منكوبة، وباتت المساكن والطرق والقناطر وكل البنيات التحتية المهترئة تتنفس تحت الماء. وعاشت دواوير بأكملها بمن فيها وما فيها من الأنام والأنعام في عزلة تامة عن العالم !! ولم تنفع معها نداءات الاستغاثة حيث لا سبيل للوصول إليها بعدما حاصرتها المياه من كل جانب، فاحتاج الناس إلى سفينة نوح لعلها تنقذ ما تبقى من الأرواح بعدما تعطلت مروحيات الجيش والدرك، وأدرك الناس أن لا نجاة إلا بالتضرع إلى الله أن يصدر أمره المطاع أن “يا أرض ابلعي ماءك ويا سماء أقلعي”..

لقد عاش المغرب غير النافع بين مطرقة الجفاف، وبين سندان الفيضانات التي أتت على كثير من الأرواح والأرزاق، وكشفت عن حجم التهميش الذي طال هذا الشطر من الوطن الحبيب، مما يحتم على الدولة إعلان المناطق المتضررة مناطق منكوبة، وتسخير كل إمكانياتها من أجل فك العزلة على المحاصرين، وتقديم مساعدات مستعجلة بدل إرسال قوات الأمن لقمع عشرات المحتجين ضد تأخر وصول الإمدادات، كما يحتم علينا جميعا التعبئة الشاملة لاحتواء الوضع وتفادي الأسوأ.

ourzazate-48H

إن فقدان الأرواح والممتلكات قد غمر القلوب بالحزن والأسى، إلا أن الفرحة بعودة الحياة تخفف من هول الفاجعة. ومع ذلك نقول: إذا كانت أمطار الخير من صنع القدر، فإن التهميش والإقصاء من صنع البشر، لذا وجب رد الاعتبار، وجبر الضرر، والنظر إلى أبناء الوطن بمختلف انتماءاتهم الجغرافية بمنظار العدالة المجالية التي تجعل الوطن كل الوطن مغربا نافعا عسى أن يكون الغيث حين يجود به الرحمان صيبا نافعا.

كلمات دليلية , ,
غير معروف
EL GHAZZI

2014-11-29 2014-11-29
اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اكتب ملاحظة صغيرة عن التعليقات المنشورة على موقعك (يمكنك إخفاء هذه الملاحظة من إعدادات التعليقات)

EL GHAZZI