لقد تابعت بامتعاض شديد مسيرة تضامنية مع الشعب الفلسطيني بمدينة أكادير مساء اليوم الأحد 10 غشت 2014 ، وأصبت بصدمة قوية وأنا أشاهد آلاف المواطنين المغاربة يقطعون شارع الحسن الثاني بأكادير رافعين الأعلام الفلسطينية وشعارات جوفاء لاتزيد ولا تنقص من واقع فلسطين شيئا، وأود أن أتقاسم معكم بعض الملاحظات حول هذا الحدث:
أولا: المسيرة دليل على أن الشعب المغربي يعيش استيلابا خطيرا يجعله يخرج بالآلاف للاحتجاج على اسرائيل ويغيب عندما يتعلق الأمر بالقضايا الوطنية والمحلية والجهوية التي تعنيه بشكل مباشر ، ولاأعتقد بأن هناك في العالم بأسره شعبا يعيش مثل هذا الاستيلاب الخطير،
ثانيا: إنكم بخروحكم في مسيرة تضامنية مع غزة بهذا الحماس منقطع النظير لاتخدمون إلا أجندات جهات معنية تعمل على تعميق هذا الاستيلاب والارتباط بقضايا لا تعنينا في شيء إلا في بعدها الانساني ضمن قضايا أخرى لمحن يعيشها بنو البشر في عدة بقاع من العالم،
ثالثا: إن مثل هذه المسيرة التي سخرتم كل وسائلكم للحشد لها لاتغير في وقاع الأمر شيئا ، ولكنكم لو خرجتم في مسيرات من هذا القبيل حول المطالب والقضايا التي تهم الشعب المغربي لتمكنا من تغيير أشياء كثيرة في واقعنا اليومي خاصة في وقت نعيش فيه هجوما كاسحا على الفقراء في هذا البلد وارتفاعات مهولة في الأسعار وضربا قويا للقدرة الشرائية وفسادا يستشري في كل الادارات والمؤسسات وخدمات اجتماعية دون كرامة المواطن،
رابعا: إنني أحسسن بالشفقة اتجاهكم وأنا أتابع المسيرة والتهييج الذي عملتم عليه ومسرحية الانبطاح على الأرض بعد سماع صوت البنادق ، كل هذا جعلني أضحك وكانني أتباع مسرحية كوميدية كما يقول المثل المغربي ” كثرة الهم كاتضحك” ،
خامسا: إن إخوانكم وأبناء جلدتكم يقتلون في الجزائر بغرداية منذ أزيد من 9 أشهر من طرف نظام ديكتاتوري غاشم ولم تحركوا ساكنا وكأن الأمر يتعلق بحشرات تباد وليس بشر ، كما أن المئات من أبناء المغرب يموتون يوميا في عدة مناطق لأسباب مختلفة منها حوادث السير والمباني الهشة وغياب المستشفيات والغش والرشوة والفساد واللائحة طويلة ،
سادسا: إن التضامن يجب أن يكون إنسانيا بعيدا عن كل ايديولوجية ضيقة، لكنكم للأسف تعبرون عن عنصريتكم حتى في التضامن ،
سابعا: لقد وفرت لكم الدولة كل الظروف لتنظيم مسيرتكم وسمحت لكم بأشياء ماكانت ستسمح بها لو تعلق الأمر بشيء آخر، بينما منعت كل المسيرات التضامنية مع أمازيغ غرداية على امتداد تراب الوطن، فلتفهموا إذن، رغم أن الفهم ليس في متناول الجميع،
وفي النهاية أود أن أؤكد على أنني أبدي ملاحظاتي لغيرتي على هذا الوطن قبل أي مكان آخر في العالم ، ويا لأسفي على هذا البلد ومستقبله .
اكتب ملاحظة صغيرة عن التعليقات المنشورة على موقعك (يمكنك إخفاء هذه الملاحظة من إعدادات التعليقات)