مساكني غيزلان
من أجل الإلتزام بأهمية ترسيخ الديمقراطية المحلية وتعزيز مبادئ الحوكمة التشاركية، عرفت قاعة الأندلس بمدينة كلميم مساء السبت 24 مايو 2025، ندوة علمية محورية بعنوان: “دور الفاعل الإعلامي والمدني في تنزيل الديمقراطية المحلية”. الندوة، التي نظمها مركز وادنون للإعلام والتواصل الثقافي ضمن فعاليات الملتقى الربيعي الأول للصحافة والإعلام بجهة كلميم-وادنون.

شهدت الندوة حضوراً نوعياً من الفاعلين، من بينهم السيد جبري مصطفى، المدير الجهوي للتواصل بجهة كلميم وادنون، والسيد يوسف تيدرارين، عضو نادي قضاة المغرب، والسيد لغزال إبراهيم، رئيس اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان كلميم طانطان، والسيد بوبكر أونغير، الفاعل الجمعوي والحقوقي، والدكتور محمد زهور، بالإضافة إلى السيدة فاطمة الهداري، منسقة النوادي المدرسية بمجموعة مدارس مولاي أحمد الدرقاوي .

كما حضر نخبة من الأكاديميين، والخبراء، وأطر الأكاديمية الجهوية للتعليم بكلميم وادنون، وصحفيين، وفعاليات المجتمع المدني والحقوقي بالمدينة، بهدف تقديم رؤى معمقة حول كيفية تعزيز الحوكمة المحلية من خلال تفعيل دور الإعلام والمجتمع المدني.
في افتتاح الندوة، أكد السيد الحسين هداري أن هذا الملتقى يمثل فرصة ثمينة لاستعراض أهمية العمل الصحفي المتقن، ونافذة للتواصل وتبادل الخبرات بين المؤسسات الصحفية الجهوية والإعلام المدرسي الصاعد.

وأوضح أن الهدف الأساسي يتمثل في إبراز الدور المحوري للإعلاميين، سواء كانوا صحفيين محترفين أو تلاميذ مبدعين في نوادي الإعلام، إلى جانب الفاعل المدني، في تجسيد مفاهيم الديمقراطية المحلية والمساهمة الفعالة في الترويج لنموذج الجهوية المتقدمة.

من جانبه، سلط السيد مصطفى جبري الضوء على فلسفة شعار الملتقى “من أجل صحافة جهوية مهنية وإعلام مدرسي رائد”، موضحًا أن هذا الشعار يعبر عن رؤية راسخة لإعلام مسؤول ومنفتح، يكون نبضًا للمجتمع ومواكبًا لتحولاته المتسارعة.

وشدد السيد جبري، على أن تعزيز مهنية الصحافة الجهوية أمر لا غنى عنه، ولن يتم إلا عبر برامج التكوين والتأطير المستمرة والانفتاح الواسع على المنظومة التربوية، التي وصفها بأنها حاضنة أساسية لإعداد جيلٍ واعٍ بقوة الإعلام في بناء التنمية وترسيخ الديمقراطية المحلية.

تعمق المتدخلون في استكشاف التقاطعات الجوهرية بين الإعلام المهني والإعلام المدرسي ودورهما في تعزيز الديمقراطية المحلية. وأكد يوسف تيدرارين، عضو نادي قضاة المغرب، أن توقيت هذه الندوة يحمل دلالات خاصة، إذ تأتي في خضم الدينامية التي تشهدها حرية الصحافة، وما يرافقها من تحديث للترسانة القانونية لضمان توازن دقيق بين حرية التعبير والمسؤولية القانونية.

وتطرق تيدرارين بشكل تفصيلي إلى الأطر القانونية الحاكمة لجرائم الصحافة، مقدماً منظوراً قانونياً معمقاً يثري فهم العلاقة المعقدة بين ممارسة العمل الصحفي والمسؤولية القانونية.

ولإثراء النقاش حول دور المؤسسات في بناء الوعي المجتمعي، شدد إبراهيم لغزال، رئيس اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بكلميم وادنون، على الطبيعة المحورية للحياة المدرسية والجامعية، ومراكز التكوين، وجميع فضاءات التنشئة الاجتماعية، كحواضن رئيسية لغرس قيم التربية على حقوق الإنسان.

واستعرض السيد لغزال، ملامح خطة العمل الخاصة بالبرنامج العالمي للتثقيف حول حقوق الإنسان، مبرزا أن هذه الخطة تقوم على ركائز صلبة تتمثل في “تعزيز المساواة، ومناهضة التمييز بكل أشكاله، وإرساء دعائم التسامح، واحترام التنوع”.

وفي مقاربة تسلط الضوء على آفاق جيل المستقبل، استعرضت فاطمة هداري، منسقة النوادي المدرسية بمجموعة مدارس مولاي أحمد الدرقاوي، الركائز التي يقوم عليها الإعلام المدرسي، متطرقة في الوقت ذاته إلى التحديات التي تعترض طريقه.

وأشارت السيدة فاطمة، أن هذا المجال الحيوي لا يقتصر دوره على كونه مجرد نشاط إضافي، بل هو محرك أساسي لتنمية المعرفة الذاتية لدى التلاميذ، وصقل مهاراتهم الحياتية، مشددة على ضرورة توفير الموارد الكافية والفضاءات الملائمة لازدهار هذا القطاع.
ومن أجل التعمق في الدور المجتمعي، قدم السيد بوبكر أونغير، الفاعل الجمعوي والحقوقي، رؤيته حول المساهمة المحورية للإعلام والمجتمع المدني في تفعيل السياسات العمومية ومواكبة الأوراش التنموية الكبرى. ولم يكتف بالإشارة إلى هذه المساهمة، بل أكد أنها “شراكة استراتيجية لا غنى عنها لضمان حكامة فعالة وتنمية شاملة”.

ومستعرضًا مسارات العمل المدني، أوضح أونغير ببراعة أن المجتمع المدني يضطلع بدور محوري في ترسيخ دعائم الديمقراطية المحلية. وعدد مداخل هذا الدور في محاور رئيسية: أولاً، “التحسيس والتوعية” لرفع منسوب الوعي بالقضايا الحيوية؛ وثانياً، “التكوين والتأطير القانوني” لتمكين الأفراد والمؤسسات من فهم حقوقهم وواجباتهم؛ وثالثاً، “المساهمة الفاعلة في الاقتصاد الاجتماعي والتضامني” عبر مبادرات خلاقة تشمل “خلق فرص الشغل وتأطير التعاونيات والجمعيات”. وبذلك، قدم أونغير صورة متكاملة للمجتمع المدني كقوة دافعة للتغيير والإصلاح وتعزيز الديمقراطية المحلية.

بعد سلسلة من المداخلات القيمة التي أثرت النقاش بمحاورها المتنوعة والمستفيضة، فُتح المجال أمام الحضور للمشاركة الفعالة، حيث شهدت الندوة نقاشات مستفيضة عكست عمق الطرح وتميز المداخلات حول سبل تعزيز الديمقراطية المحلية.

وختم الملتقى فعالياته، بتوزيع شواهد المشاركة على كافة الأساتذة المتدخلين، وتكريم المواهب الصاعدة، حيث تم توزيع الجوائز على الفائزين في المسابقة الجهوية “كلميم بريس” للصحافة المدرسية. وكان لمجموعة مدارس مولاي أحمد الدرقاوي شرف الفوز بـ”جائزة وادنون الكبرى للصحافة المدرسية”، فيما آلت جائزة التنويه للثانوية الإعدادية ابن بطوطة بطانطان.

هذا التتويج يؤكد على أهمية الاستثمار في الجيل الجديد من الإعلاميين، ويعكس التزام المنطقة بدعم الإبداع الصحفي منذ سنوات الدراسة الأولى، مما يضمن استمرارية الجهود الرامية لتعزيز أسس الديمقراطية المحلية في المستقبل.