رؤية الوزير

آخر تحديث : الثلاثاء 23 ديسمبر 2014 - 2:31 مساءً
رؤية الوزير
الحسين أوبليح

في لقاء للمجلس الأعلى للتعليم، كشف رشيد بلمختار، وزير التربية الوطنية والتكوين المهني عن تفاصيل رؤيته لإصلاح المدرسة المغربية في أفق سنة 2030، وهي الخطة التي تندرج في إطار عملية الإصلاح التي تنوي الحكومة تنزيلها والتي تتطلب فتح مشاورات مع 100 ألف مشارك في المنظومة التعليمية لحصر المشاكل التي تواجهها.

رؤية الوزير وضعت أولويات للإصلاح، في مقدمتها الباكالوريا المهنية، واختيار المصير المهني، وتحسين تدريس اللغات، مع تصويبات في مقال الوزير، إذ يتعلق الأمر بالنسبة للغات بكل اللغات البابلية التي يمكن أن تخطر للإنسان على بال، اللهم إلا اللغة الأمازيغية، التي غابت للمرة N في خطاب وزير استبشر الكل بمقدمه لقطاع التعليم.

سقطت الأمازيغية إذن من رؤية الوزير، كما سبق وأن سقطت من تقرير الخمسينية حول التنمية البشرية أو “50 سنة من التنمية البشرية بالمغرب وآفاق سنة 2025″ وكما سقطت في الميثاق الوطني للتربية والتكوين لتتبوأ درك الاستئناس، وهي سقطات بطعم الزلات التي تعصف بالشيء فترديه. لا جرم أن هذا السقوط وتلك الزلات بعض من دم الوزير كذات فاعلة وبعض من دم الوزارة كبنية رافعة، لكنها بعد هذا مؤشر على وجود خلل على مستوى الحكامة وتدبير هذا الملف. ولقائل أن يقول أن الرؤيةَ رؤيةُ الوزير ب”ال” التعريف، كما ذهب إلى ذلك فريد زين الدين العثماني في البرنامج الحواري “نقاش” حول تدريس اللغة الأمازيغية على أثير راديو م.ف.م سوس، غير أن الجنوح إلى هذا القول هو تقليل من شأن المؤسسات المنوط بها السهر على قطاع من حجم التعليم وعلى ملف من قامة الأمازيغية، أو بتعبير آخر، هو التماس للأعذار ” للسيدة الوزارة ” بأن ما شاب تدريس الأمازيغية لا يعدو أن يكون رؤية/أو ربما رؤيا ” السيد الوزير ” سرعان ما ستنقشع عنها السحب السخماء بزوال الوزير ذاته، هكذا، فبدل رمي الوزارة بالحجارة – وطئا على مقال لحميد قهوي بعنوان ” موسم رمي الإدارة بالحجارة ” – سيلهث من يهمه الأمر وراء شبح الوزير صاحب الرؤية.

حري بالسيد الوزير أن يستعمل ” رؤيا ” بدل ” رؤية ” حتى نبدل الساعة بأخرى. على الأقل سنعتبر أن الأمر يتعلق بأحلام، وليس بعد الأحلام إلا النوم الأبدي – على حد تعبير نجيب محفوظ الذي مات بعد إصداره ” أحلام فترة النقاهة” -، والذي أجاب حين سئل عن ما بعد الأحلام، أجاب أن ليس بعد الأحلام إلا النوم الأبدي، أو عليه، ربما استزادة في العلم، أن يسترشد بهدي ” أدونيس ” الذي يميز بين الرؤيا والرؤية، وبأن الأولى للنظر الجواني فيما الثانية للاشْرِئْباب نحو المستقبل، ولأمر ما قال أدونيس ” من بعيد ترى بعمق أكثر “.

كانت ستكون لهذه الإحالات عميم الفائدة على السيد الوزير صاحب الرؤية ، لو مُكِن من مظانها، ولو علم أن لا رؤية بعد رؤية هدهد سليمان، الذي أحاط بما لم يحط به حتى سليمان، لارتاح وأراح من تاويل رؤياه.

بعض تفاصيل رؤية الوزير تنبئ، ليس فقط باضطراب ماناجمانتي ، بل باستشكال كوغنيتيفي أيضا، وهو القائل ” أن رؤية وزارته الإصلاحية في أفق سنة 2030، تنبني أساسا على التركيز على المراحل الأولى للتعليم، وخصوصا التعليم الأولي والابتدائي، لكونها تمثل “الأساس” في العملية التربوية. هذا إلى جانب العمل على تجاوز مجموعة من الإشكاليات كتأخر التلميذ في التمكن من القراءة، والتي تشكل أهم عوامل الهدر المدرسي “، لأن المراحل التي تلامسها رؤيته تعد حسب أساطين التربية، وليس جان جاك روسو أقلهم، مراحل تؤمم اللغة الأم المدخلات المعرفية إليها كليا، لدرجة أن روسو رفع سقف تعلم لغة ثانية إلى سن الثانية عشرة. فليست مفاجأة أن التلاميذ المغاربة متأخرون في القراءة، فهم لم يمروا قط عبر لغتهم الأم في محاورة العالم، بل أجبروا برؤية عراقية – نسبة إلى عز الدين- بالإطلال على العالم من نافذة اللغة العربية.

ما أسوأ حظ الوزير مع مستشاريه الذين حتما ” كادوا له كيدا”، بأن تركوه “يقصص رؤياه على إخوته”، فليس بعد القص إلا غيابات الجب.

غير معروف
EL GHAZZI

2014-12-23 2014-12-23
اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اكتب ملاحظة صغيرة عن التعليقات المنشورة على موقعك (يمكنك إخفاء هذه الملاحظة من إعدادات التعليقات)

EL GHAZZI