مساكني غيزلان
احتضن الفضاء الجمعوي، بمدينة كلميم، يوم السبت 24 مايو 2025، فعاليات “الملتقى الربيعي الأول للصحافة والإعلام بجهة كلميم واد نون، والذي نظمه مركز وادنون للإعلام والتواصل الثقافي، وجريدة كلميم بريس الإلكترونية، بالتنسيق مع الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين، ومديرية قطاع التواصل، حمل شعارا : “من أجل صحافة جهوية مهنية، وإعلام مدرسي رائد”.
شكلت الورشة التكوينية الافتتاحية، التي عنونت بـ “المسؤولية الجنائية للصحفي بين القانون الجنائي وقانون الصحافة والنشر”، حجر الزاوية للملتقى، أشرف عليها الأستاذ الدكتور يوسف تيدرارين، عضو نادي قضاة المغرب، بحضور السيد جبري مصطفى، المندوب الجهوي للتواصل، بجهة كلميم وادنون، حيث لم تكن مجرد استعراض للمواد القانونية، بل كانت بمثابة بوصلة توجيهية للصحفيين.

وقدم الأستاذ، تيددرارين تحليلاً دقيقاً، ومعمقا، لتداخل القانون الجنائي العام، وقانون الصحافة، موضحاً التحديات التي تواجه الصحفي. لأن القانون، وإن كان ينظم مهنة الصحافة، ويحدد عقوباتها، في قضايا النشر كالقذف والسب، إلا أنه يظل خاضعاً للقانون الجنائي العام، في الجرائم التي تتجاوز النطاق المهني، وتمس بالنظام العام، أو الأخلاق، أو أمن الدولة.
وأشار الأستاذ تيددرارين، أن “الخصوصية الإجرائية” لمتابعة الصحفيين، ليست امتيازاً، بل هي آلية دقيقة للموازنة بين حماية حرية الصحافة، كركيزة للديمقراطية، وضمان حقوق الأفراد، والمؤسسات من أي تجاوزات. هذه الخصوصية تمنح الصحفي، هامشاً لممارسة مهامه الرقابية، والاستقصائية دون تعسف، شريطة الالتزام بالدقة، والموضوعية، وأخلاقيات المهنة.
تجاوزت الورشة، النظرة التقليدية، للمسؤولية الجنائية كـقيود، على حرية التعبير، بل قدمتها كـضمانات مهنية، تسهم في الارتقاء بالعمل الصحفي، فالمشرع، بوضعه إطاراً قانونياً، واضحاً لمسؤولية الصحفي، يهدف إلى تحصين المهنة، من الداخل والخارج.

فهذا الإطار يمنح الصحفي، البوصلة اللازمة، للمضي قدماً بثقة ومهنية، ويضمن للمجتمع إعلاماً مسؤولاً، يلتزم بالجودة، يحمي الحقوق، ويعزز الثقة، ليصبح بذلك شريكاً فاعلاً، في مسيرة البناء الديمقراطي، والتنمية الشاملة.
وأكد الأستاذ يوسف تيدرارين، على أهمية هذه الورشات التكوينية، للارتقاء بالمهنة، قائلاً، أننا نعيش في عصر تتسارع فيه وتيرة تدفق المعلومات، ومعها تتزايد الحاجة إلى إعلام مهني، ومسؤول.
فالورشة التي قدمناها اليوم، لم تكن تهدف إلى تقييد حرية الصحافة، بل على العكس تماما، لقد أردنا أن نوضح للصحفيين الإطار القانوني الدقيق، الذي يحكم عملهم، وأن نشيرعلى أن الصحفي، ليس فوق القانون، لكنه محمي بخصوصية المهنة، وضرورة دوره المجتمعي.

وأضاف أن قانون الصحافة والنشر، جاء ليعطي الصحفيين ضمانات أكبر، في أداء رسالتهم النبيلة، مع التشديد على ضرورة الالتزام بأخلاقيات المهنة ومسؤولياتها تجاه الأفراد، والمجتمع. هذا الفهم يعزز الثقة بين القضاء والإعلام، ويضمن بيئة عمل صحية، تسمح للصحافة بأن تكون رقيباً فعالا، وشريكاً أساسيا، في بناء الديمقراطية المحلية، والوطنية.

اختتمت الورشة بنقاشات مفتوحة، بين جميع الفاعلين في القطاع، مما ساهم في تعميق فهم الصحفيين لحقوقهم، وواجباتهم، وتأكيداً على الدور الحيوي للإعلام، في بناء مجتمع واعٍ، ومسؤول.