
في بعض الأحيان أقول حسنا فعلت شعوبنا لأنها لا تقرأ، فحتى لو فعلت لكان أول ما توجهت إليه الغالبية لتقرأه كتب الأحاديث و ما يعرف بالثراث الفقهي، و هنا بالذات يكمن السبب في استمرار الخلل، فمهما وصلت معرفة مؤلفيها حينها من تقدم و مهما يكن ما أبانوا عنه من جد و اجتهاد لتفسير النص القرآني فحتما لن يتجاوزوا ما يحيط بهم من مظاهر و أساليب العيش و لن يستبقوا ما تم الوصول إليه من أدلة علمية مستكشفة و مجربة.
لا أظن أن أحدهم قادر في الماضي و الحاضر و المستقبل أن يدعي بأنه توصل بالصيغة الكاملة و الصحيحة للدين، فالذي يتحدث عن إسلام التسامح تجده ينطلق من فهمه و تعاطيه مع الدين في حياته و ما يجنيه من مصلحة خاصة أو عامة، و الذي يطبق ما يراه حدود الله و جهادا في سبيل الله فهو ينطلق حتما من حدود فهمه و ما يراه مصلحة له تتجاوز حتى وجوده في الدنيا إلى الآخرة.
الحل إذن يكمن في العمل على العقل. قد يبدو ذلك معقدا و متطلبا لوقت طويل و مجهود كبير، لكن سيكون الأمر سهلا لو تخلينا عن ضعفنا الباطني و خوفنا من أن تظهر حقيقة أننا أبعد ما نكون من دورنا كبشر في هذا الكون، و من مظاهر هذا الضعف و الخوف ما نعبر عنه من ردود أفعال تجاه زعزعة العقيدة و الردة و الإلحاد و مناظرة الفقهاء و ما إلى ذلك من الثوابث و الإرث و المرأة…
يتعين اليوم أن نعمل كل من نفسه، على تنمية قدراتنا العقلية و الايمان بأن ضعفنا الحقيقي في استسلامنا أمام أشياء لم نبدل مجهودا و لو بسيطا في تحري سياقها و أهدافها و الحكمة منها و المقصود من وراء تطبيقها، هذا الضعف سيبقى مستمرا حين نغيب دور العقل بينما يزداد العارفون بقيمته قوة و أمنا.
اكتب ملاحظة صغيرة عن التعليقات المنشورة على موقعك (يمكنك إخفاء هذه الملاحظة من إعدادات التعليقات)