
مساكني غيزلان
أسدل الستار مساء أمس الإثنين 12 ماي 2025 على فعاليات الدورة الثالثة عشرة لمهرجان آسا الدولي للسينما والصحراء، تاركا وراءه موجة من الإبداع السينمائي، ولحظات تتويج مستحقة، احتفت بأصوات سينمائية واعدة، ورؤى فنية متميزة.
في ليلة ختامية بهيجة، أعلنت لجنة التحكيم، عن فوز الفيلم المصري القصير “Catsaros” (كاتساروس)، للمخرج الموهوب “محمد الحديدي”، بالجائزة الكبرى للمهرجان. هذا العمل السينمائي الآسر، الذي استطاع أن يخطف الأضواء من بين 22 فيلمًا قصيرًا متنافسًا، بفضل غوصه العميق، في مفهوم الانتماء، في عالمنا المعاصر، ولمسه الصادق لإحساس الاغتراب، الذي يسيطر على جيل اليوم.
يروي الفيلم قصة مفيد، الشاب الوحيد، الذي يجد نفسه أسيرًا لعزلة الحداثة، قبل أن تنقلب حياته رأسًا على عقب، باكتشافه رابطًا غامضًا بامرأة، من زمن آخر. هذه العلاقة الاستثنائية، تأخذه في رحلة عبر أزمنة، ومشاعر مختلفة، ليعيد تعريف مفاهيمه عن الحب، والانتماء، بشكل جذري.
عبرت المخرجة والفنانة علية طوير، ابنة مدينة آسا، وخريجة المعهد العالي للمسرح والتنشيط الثقافي بالرباط، وعضو لجنة تحكيم الأفلام القصيرة، في تصريح خاص لجريدة “ماروك نيوز”، عن إعجابها بالفيلم الفائز، قائلة: أن فيلم ‘كاتساروس’ يلامس أعماق الوحدة، والملل، الذي قد يستشعره شباب اليوم، في خضم الحداثة الصاخبة.
وأضافت طوير، أن المفاجأة تتجسد في مكالمة هاتفية، تأتي من الماضي، تحديدًا من أربعينيات القرن الماضي، حيث يتبادل الشاب والمرأة حكايات الزمنين المختلفين. هذه البداية الغريبة، تأخذ المشاهد في رحلة حميمية، عبر تقلبات الحب والمشاعر، لتنكشف في النهاية حقيقة مؤلمة، عن مرض المرأة. وسعي البطل المحموم، للبحث عن علاج عبر الإنترنت، يصطدم بحقيقة قاسية، ‘الماضي عصي على التغيير.”
من جهته، أكد المخرج والإعلامي لحسن بوجدور، أن الدورة الثالثة عشرة للمهرجان، كانت زاخرة بالأصوات السينمائية الواعدة والرؤى الفنية المتميزة. وأشار إلى أن تنوع القصص المعروضة والجودة العالية للأعمال المشاركة، سواء في فئة الأفلام القصيرة، أو الوثائقية، يعكس حيوية المشهد السينمائي العربي، وقدرته على ملامسة قضايا مجتمعاتنا، بصدق وعمق.
وأضاف بوجدور، أن اختيار الفائزين، كانت مهمة صعبة، وممتعة في آن واحد، ونحن على ثقة بأن هذه الأعمال، ستترك بصمة مؤثرة لدى الجمهور. فقد كانت هذه الدورة، محطة ثرية بالرؤى السينمائية المتنوعة، والأعمال التي قدمت جرأة في الطرح، وعمقًا في المعالجة.
لم تقتصر فرحة التتويج على الأفلام القصيرة، بل امتدت لتشمل احتفاءا، بباقة من الأعمال السينمائية المتميزة، في فئة الأفلام الوثائقية. فقد توج فيلم “أصداء الأندلس” لإبراهيم الزروالي بجائزة العمل الأول، فيما حصد الفيلم المغربي، “رزق من ورد” للمخرجة مونية الكومي، الجائزة الكبرى للمهرجان.
وعكسًا للتنوع والثراء في الرؤى الإخراجية المشاركة، شهدت جائزة الإخراج تتويجًا مشتركًا بين فيلم “صوب الضوء” للمخرج اللبناني قاسم اسطنبولي، الذي لفت الأنظار بأسلوبه البصري المبتكر، وفيلم “قرن وستة أعوام” للمخرج المصري محمد ناصف، الذي أظهر براعة في إدارة أدواته السينمائية وتقديم قصة مؤثرة.
وتقديرًا لأهمية النص في بناء العمل السينمائي، خصص المهرجان جائزة خاصة لكتابة السيناريو، ذهبت إلى فيلم “ضيفنا” للمخرج المغربي إبراهيم أذينات، تقديرًا لقوة الحوار والحبكة الدرامية التي تميزت بها كتابة الفيلم.
وفي مجال التمثيل، عادت جائزة أحسن ممثل للمغربي محمد سلطانة عن تألقه وأدائه المتميز في فيلم “65 يوما”، فيما خطفت الممثلة السورية صفاء سليمان جائزة أحسن ممثلة عن دورها في فيلم “أزمة قلبية”.
لم يغب التقدير عن فعاليات ثقافية وجمعوية ورياضية كان لها بصمتها في المنطقة، حيث تم تكريمها خلال الحفل الختامي. وعبر نور الدين بوكراب، مدير المهرجان الدولي للرحل بمحاميد الغزلان، عن سعادته بهذا التكريم الذي اعتبره حافزًا لمواصلة العمل والعطاء.
كما عرف الحفل تقديرًا وتكريمًا مستحقًا للإنجاز الرياضي لفريق لبؤات آسا لكرة القدم النسائية، بمناسبة صعودهن التاريخي إلى القسم الوطني الأول، مما يعكس اهتمام المهرجان بدعم وتشجيع مختلف المجالات التي ترفع اسم المنطقة وتسهم في إشعاعها.
اختتم الحفل الختامي بصعود الفنانة وأيقونة الغناء اللبناني الثوري أميمة الخليل وزوجها الموسيقار الكبير، لتصدح بصوتها الشجي على منصة المهرجان بأجمل أغانيها وأروعها، تاركةً أثرًا عميقًا في نفوس الحاضرين.
وفي ختام الأمسية، قام مدير مهرجان آسا الدولي للسينما والصحراء، الأستاذ الحسين أنشاد، بقراءة برقية ولاء وإخلاص مرفوعة للسدة العالية بالله، صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده.
بهذا الختام المتميز، يكون مهرجان آسا الدولي للسينما والصحراء قد أسدل الستار على دورة استثنائية، أكدت على مكانته كملتقى للإبداع السينمائي العربي، ومنصة لدعم المواهب الشابة، تاركًا بصمة واضحة، في المشهد الثقافي، والفني للمنطقة.