
مساكني غيزلان
بعد أيام من الروحانية والاحتفاء، أسدل الستار مساء الأحد 7 شتنبر 2025 على فعاليات موسم ملكى الصالحين بإقليم آسا الزاك، الحدث السنوي الذي يمثل أكثر من مجرد مناسبة دينية، بل ملتقى تتجدد فيه الروابط وتتعمق فيه الجذور الروحانية.
وقد توجت هذه النسخة بحدث استثنائي حمل اسم “كرنفال أهل الله”، الذي لم يكن مجرد عرض فني، بل كان رسالة واضحة المعالم، وتكريما يليق بحملة كتاب الله.
الكرنفال عرف حضور عامل إقليم آسّا-الزاك، يوسف خير، ورئيس المجلس الإقليمي، رشيد التامك، منتخبون، روؤساء المصالح الخارجية،إلى جانب فعاليات المجتمع المدني، والحقوقي بالمدينة، وأعيان المنطقة، مما يعكس الأهمية التي يحظى بها هذا الحدث.
شهد كرنفال “أهل الله” مشاركة لافتة للنحات والفنان الموهوب، مبارك تمكليت، الذي أثرى الحدث بمجموعة من المجسمات التي أبدعها، وجسدت في تفاصيلها عمق الهوية المحلية والوطنية. كانت هذه الأعمال الفنية بمثابة لوحات منحوتة تحكي تاريخ المنطقة، حيث شملت أبرز المعالم التاريخية والثقافية لإقليم آسا، إلى جانب مجسمات فنية للقرآن الكريم وشعار المملكة المغربية.
لقد جمعت أعمال تمكليت بين الإلهام الروحي والفني، مؤكدة أن الإبداع يمكن أن يكون وسيلة فعالة للاحتفاء بالتراث والتمسك بالقيم الدينية والوطنية. وقد لاقت هذه المجسمات استحسان الحضور، وعكست جانباً آخر من التنوع الثقافي الذي يميز المنطقة.
مع انطلاق الكرنفال، تحولت ساحة محمد السادس بمدينة آسا إلى لوحة حية من الألوان والروحانية. مشهد مهيب تراقصت فيه أنوار الشموع على وقع الإنشاد الديني، وصدحت فيه أصوات الذكر، في تتويج رمزي لجهود حفظة القرآن الكريم.
ولم يقتصر الحدث على ذلك، بل شهد تقديم أوبريت فني مؤثر بمشاركة أطفال جمعية كفالة اليتيم بكلميم، من إخراج ابن آسا البار، الفنان مصطفى أكادر، والأستاذ بوكشودن، اللذين أبدعا في سرد قصة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، في لحظة عميقة من الروحانية والخشوع.
تكمن وراء هذا الكرنفال البهيج أبعاد اجتماعية واقتصادية عميقة. فموسم ملكى الصالحين يمثل فرصة سنوية لإحياء الروابط الأسرية والاجتماعية التي قد تباعدت بفعل ظروف الحياة.
هذه الحركية الاجتماعية يصاحبها أيضا نشاط اقتصادي ملحوظ، حيث تنتعش التجارة المحلية، ما يعكس الأثر الإيجابي للموسم على مختلف مناحي الحياة في الإقليم.
في ختام هذا الموسم، الذي امتد لأربعة أيام، أكدت آسا الزاك مجددا أنها تقدم نموذجا فريدا في الحفاظ على التراث والجمع بين الأصالة والمعاصرة.
إن “كرنفال أهل الله” لم يكن مجرد حدث عابر، بل كان تعبيرا حقيقيا عن روحانية المجتمع، وتمسكه بهويته التي تشكلت على مدار قرون، ليظل شعلة تنير الدرب لأجيال المستقبل.