
مساكني غيزلان
في أمسية رائعة احتضنتها حديقة التواغيل العمومية بكلميم يوم السبت الموافق 21 يونيو 2025، نظمت جمعية تودرت للتنمية والبيئة والثقافة والفن حفل “سهرة فنية احتفالية” في نسختها الثالثة، تحت شعار: “التراث الثقافي بوادنون، هوية وجدور”. جاء هذا الحدث المميز بشراكة فاعلة مع المديرية الجهوية لوزارة الشباب والثقافة والتواصل – قطاع الثقافة، ومجلس جهة كلميم وادنون، ليؤكد على الدور المحوري للثقافة، في بناء الهوية، وتعزيز الانتماء.
انطلقت فعاليات السهرة، إبتداءا من الساعة الخامسة مساءا، مستقطبة حضورا نوعيا، ضم ممثل جهة كلميم وادنون، منتخبون، رجال السلطة المحلية، وفعاليات المجتمع المدني، بالإضافة إلى نخبة من الفنانين.
وقد عكست هذه الأمسية الفنية، التزام الجمعية الراسخ، بالنهوض بالثقافة الأمازيغية، والتأكيد على المكانة الجوهرية للتراث الثقافي، كمكون رئيسي للهوية، والحضور الإنساني، في المنطقة.
وفي تصريح حصري لـ “ماروك نيوز”، أكدت السيدة لبنى تاجديكت، رئيسة الجمعية، عن أهمية المبادرة على أن التراث ليس مجرد قصص نحكيها، أو تحف نعرضها، إنه النبض الحي لهويتنا، وجذورنا التي تمتد عميقا، في هذه الأرض الطيبة.
وأبرزت السيدة لبني، أنه من خلال هذه الاحتفالية، نسعى لإعادة إحياء هذا التراث في قلوب الأجيال الجديدة، ليتذكروا دائما من أين أتوا، وإلى أين يتجهون، وأشكر كل من قدم المساهمة في إنجاح هذا الحفل، من قريب أو بعيد.
وأضافت السيدة لبنيى، أن تفاعل الجمهور، وخاصة الشباب، مع هذه الأنغام الأصيلة، يمنحنا أملا كبيرا، بأن هذا الإرث الثمين، سينتقل من جيل إلى جيل، وسيبقى ركيزة أساسية، من هويتنا المغربية الغنية، والمتنوعة. هذا ليس مجرد حفل، إنه احتفال بالانتماء، وبقوة الثقافة على توحيد القلوب.
وعرف الحفل لحظات مؤثرة، تمثلت في تكريم خاص لشخصيات بارزة، قدمت إسهامات جليلة في دعم الثقافة والتراث بالجهة. وشمل التكريم كلا من السيدة مباركة بوعيدة، رئيسة جهة كلميم وادنون، والسيدة صباح باي باي، المديرة الجهوية للثقافة بجهة كلميم وادنون، والسيد قتاد عالي، عضو مجلس جهة كلميم وادنون بالإضافة إلى مجموعة من المساهمين، والمشاركين، الذين بذلوا جهودا مقدرة في إنجاح هذه النسخة من “سهرة فنية 3”.
شهدت الأمسية مشاركة نخبة من الفنانين، الذين أضفوا على الحفل أجواء من البهجة والتفاعل، حيث افتتح الفنان الأمازيغي المتألق في فن العواد، الخليفة السماهري، وصلته بوتره الساحر، ليتبعه إبداع فرقة كانكا الحسانية التي تفننت في تقديم روائع التراث الحساني الأصيل.
كما أمتع الشاعر مولود بعيك، الحضور بأروع قصائده، والتي مزجت بين الحساني، والأمازيغي، بينما قدمت فرقة أحواش تغجيجت، لوحات فنية حية تجسد عمق التراث الأمازيغي. وألهب الفنان الشافعي بيروك، الأجواء بباقة من أغانيه المحبوبة لدى الجمهور.
ومسك ختام السهرة، كان مع الأداء الآسر للفنانين الأمازيغيين البارزين، جمال أيت أوكارك، ومينة تيويريت، اللذين قدما وصلات غنائية مبهرة، خطفت الألباب، وأشعلت مشاعر الحضور. حيث انخرط الجمهورالكبير، والرائع، في التمايل بحماسة، على أنغام الموسيقى الصادقة، وعلت أصواتهم، بترديد الأغاني الأغاني الأمازيغية المتنوعة، لتمتلئ حديقة التواغيل، بأنغام الفرح، والطرب الأصيل، في مشهد يعكس التلاحم الكبير بين الفنان، وجمهوره، ويؤكد على مكانة الفن الراسخة، في قلوب أبناء وادنون.
وفي تصريح خاص، عبر الفنان جمال أيت أوكارك، عن سعادته بالمشاركة قائلاً: إنه لشرف عظيم أن أكون جزءا من هذه الاحتفالية، التي تحتفي بتراثنا وهويتنا. فالفن هو جسر التواصل بين الأجيال، ويسعدني أن أرى هذا الشغف بالتراث، يتجدد في قلوب شبابنا.
وأجمل ما يميز هذه الليلة هو التنوع الفني، الذي يجمع بين مختلف تعابيرنا الثقافية، من أحواش، إلى الفن الحساني، وهذا يؤكد على غنى هويتنا المغربية، التي نفخر بها.
من جهتها، صرحت الفنانة مينة تيويريت،: أنا جد سعيدة بتواجدي بمدينة كلميم اليوم، وأعتبر أن مثل هذه المبادرات، ضرورية للحفاظ على فننا الأمازيغي الأصيل ونقله للأجيال القادمة. عندما نغني بلغتنا وثقافتنا، فإننا نحافظ على جزء عزيز من هويتنا الجماعية.
لأن الأهم هو أن نرى الجمهور يتفاعل بحب، وشغف مع ما نقدمه، وهذا يمنحنا دفعة قوية للاستمرار، والعطاء في سبيل هذا الفن العريق.
وعبر الشاعر مولود بعيك عن رؤيته قائلا: الكلمة الشعرية، هي روح التراث، وهي القادرة على أن تحيي القلوب، وتوثق التاريخ. أن أشارك قصائدي في هذا المحفل، الذي يحتفي بالهوية، هو تأكيد على أن الشعر جزء حيوي من ذاكرة هذا الوطن، ومن قيمنا الأصيلة.
كما عبر أحد الحاضرين عن إعجابه، مصرحا: لقد كانت سهرة رائعة بحق! تنوع الفقرات الفنية، أثرى تجربتنا واستمتعنا بكل لحظة. نشكر جمعية تودرت على هذا المجهود القيم، الذي يساهم في إحياء تراثنا، وتقديمه بشكل مميز للأجيال الجديدة. الأجواء كانت احتفالية بامتياز، وشعرنا جميعا بالفخر بانتمائنا لهذا التراث الغني.
وبهذا التجمع الثقافي، تعزز جمعية تودرت مكانتها، كفاعل أساسي، في المشهد الثقافي بجهة كلميم وادنون، مؤكدة على أن الفن والتراث، هما المرآة التي تعكس حضارة الأمم والشعوب.